2022-08-19
خلاص بارباس
(قصة عن التوبة)
بيدرو ساروبي، رجل يحب التحديات، ترك بيته منذ الصبا والتحق بفرقة سيرك، ثم جاب العالم بحثاً عن شىء يملاً ذاك الفراغ الروحي الذي كان يشعر به.
جرَّب كثيرًا، فتوجَّه إلى معبد شاولين في الصين لتعلُّم فنون القتال، لكنه لم يجد هناك ما كان يبحث عنه. ثم ذهب إلى التبت فارضًا على نفسه الفراغ والصمت لستة أشهر لبلوغ حلم التنوير البوذي، إلا أن قلقه الوجودي لم يتوقف. وفي الهند مارس التأمل وصولاً إلى أقصى حدود ممكنة تقريبًا. ثم أقام بعد ذلك في الأمازون في البرازيل حيث تعلم البرتغالية، وكان في الوقت نفسه يمارس التمثيل ما بين رحلة وأخرى.. شارك في مسرحيات وإعلانات وأفلام. تخصَّص في الكوميديا، إلا أن الشهرة المرجوة لم تأتي، وبقي فراغه الروحي..
تلَقى مكالمة هاتفية لأداء دور في فيلم من إخراج ميل جيبسون، واعتقد أنه أحد أفلام الحركة والمغامرات، لكنه فوجئ بأنه فيلم يروي آلام المسيح. ويقول ساروبي تعليقًا عن هذا الأمر: “لم أتخيل قَطّ أن بإمكاني التمثيل في فيلم حول آلام المسيح، لأني كنت بعيدًا جدًا عن الكنيسة”. تمنى أن يلعب دور بطرس الرسول، لأن أجر يوم التصوير كان أكبر لمن يمثل هذا الدور،، وشعر بخيبة أمل حين أخبره ميل جيبسون أنه اتصل به ليؤدي دور باراباس، وكان دور بارابّاس قصيرًا في الفيلم. وانتهى به الأمر بتمثيل شخصية برابّاس. إلا أن فترة التصوير القصيرة تلك شكلت خطوة حاسمة وأساسية في حياته.
تحدَّث إليه ميل جيبسون قبل بدء التصوير بأيام لإعطائه المزيد من التفاصيل حول الشخصية، وكان لنقطة محدَّدة أشار إليها جيبسون تأثير كبير على ساروبي، حيث أخبره بأن بارباس من عذاب السجن بدأ يتحول إلى شبه حيوان وحشي لا يتكلم بل يعبِّر بالنظرات فقط. وأضاف المخرج: “ولهذا اخترتك، حيث بدا أنك تجسد بشكل جيد هذا الحيوان الوحشي، لكنك تملك في أعماق قلبك نظرة إنسان صالح”.. وكان لهذه الكلمات تأثير قوي في قلب ساروبي.
خلال أيام التصوير القليلة راقب ساروبي زميله بطل الفيلم، جيمس كافيزل، الذي أدى دور يسوع، وذلك خلال تصوير المشهد الذي تطلب فيه الجموع إطلاق بارباس. في تلك اللحظة أصبح بيدرو ساروبي وبارباس شخصًا واحدًا، وخلال التصوير لم يكن بيدرو يمثل، بل عاش، شعر في جسده بالكامل بذبذبات الحدث.
وعندما أُطلِقَ بارابّاس، التقت عينا بيدرو بعينَي كافيزل، ويصف الممثل اللحظة بهذه الكلمات: “كان لها تأثير كبير، شعرت وكأنَّ هناك تيارًا كهربائيًا يربط بيننا. شعرت أن يسوع نفسه هو من ينظر إليَّ!”
ويؤكِّد الممثِّل الإيطالي أنه منذ تلك اللحظة أن كل شيء في حياته قد تغير، وزارت روحه أخيرًا تلك السكينة التي بحث عنها لسنوات من خلال عشرات الرحلات. ويضيف: “حين نظر إليَّ لم تكن عيناه تحملان كراهية أو معاتبة تجاهي، بل رحمة ومحبة”.
يروي بيدرو ساروبي تغييره هذا في كتاب بعنوان “من بارباس إلى يسوع، متغيِّر بفضل نظرة”.
** لا توجد تعليقات على هذه الفكرة..