2022-07-20
كيف نلتقي مع الرب في أسبوع الآلام ؟
(مقال عن الصليب وأسبوع الآلام)
( لنيافة الأنبا يوأنس الأسقف العام )
في يوم الإثنين :
نظر الرب إلى شجرة التين ، وهو يقول لي : إنظر إلى هذه الشجرة ، فعندما رأيتها عن بُعد مورقة ، جئت إليها لعلي أجد فيها ثمراً ، ولكني لم أجد إلا ورقا ً ( مر13:11) ... فأجبت إلهي الحبيب القدوس : لعل هذه الشجرة ترمز إلى حياتي في كثير من الأوقات ... إذ أبدو وكأني مثمر ، ولكني خاو من ثمر الروح ، بل وقلبي يمتلئ من خطايا كثيرة ... وها أنت أيها الحبيب القدوس ستجوز آلاماً كثيرة عن خطاياي هذه وخطايا إخوتي بني البشر ... هنا وصمت الحبيب القدوس ... ثم نظر إليَ بعينيه الحانيتين ، فصرت أصيح من أعماق -بتوبة صادقة - لك القوة والمجد والبركة والعزة..
في يوم الثلاثاء :
كنت أجلس عند قدمي السيد يوم الثلاثاء وهو يُعلم رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب بأمثال عن نهاية العالم والدينونة العتيدة أن تكون ... وتأملت كثيراً في تلك الساعة ومصيري الأبدي ... وأثناء عودتنا إلى بيت عنيا في المساء ، تقدمت لأسير بجانب مُخلصي الصالح وتحدثت معه في الأمثال التي ذكرها عن الدينونة العتيدة ... وقال لي الرب بحنانه الفائق : تأمَل كثيرا يا حبيبي إن أيامك القصيرة جدا على الأرض ترسم بدقة أبديتك الطويلة جدا
? في يوم الأربعاء :
نلتقي بالرب في خلوته ببيت عنيا .... فيقول ذلك الأب الراهب في مذكراته : وكانت الساعة السادسة مساء والهدوء يخيم على المكان ...وكان السيد جالسا بمفرده ينظر إلى بعيد فتقدمت إليه ، وسجدت له ... وإذ به يحتضنني بوجهه الحاني المملوء حبا ً وحنانا ً ... فسألته : لماذا لم تذهب للهيكل اليوم ؟ أجابني - له المجد- بقوله : ألم تقرأ في العهد القديم أن الخروف يكون تحت الحفظ أربعة أيام ، ويستريح في اليوم السابق لذبحه ... فها أنا أقضي هذا اليوم في صمت واختلاء لأعد نفسي للذبح عنك وعن إخوتك بني البشر ... حينئذ جاشت مشاعري وتأثرت للغاية .. ثم استطرد الحبيب القدوس في حديثه : وفي خلوتي كنت أنظر إلى أبي السماوي ... إلى سماء مجدي .. وأتأمل قول أشعياء النبي : والرب وضع عليه إثم جميعنا .. أما الرب فسّر أن يسحقه بالحزن ( أش 53: 10،6 ) ... حينئذ ترنمت بكل خلجاتي بتسبحة البصخة لك القوة والمجد والبركة ... ولكن دموعي أعاقت كلماتي ... فرّبت الحبيب القدوس على كتفي بحنانه الفائق ، وقال لي : هيا بنا إلى بيت سمعان الأبرص ، فستأتي إمرأة مُحبة وستسكب طيب محبتها على رأسئ لتُطيب قلبي
? في يوم الخميس :
نلتقي بالرب يوم خميس العهد، وهو يغسل أرجل تلاميذه القديسين ... فيقول الراهب : أتيت إلى الحبيب في العلية ... وسجدت أمامه ... وكم فرح إلهي الحبيب عندما رآني ... ثم احتضنني ... قلت لإلهي : ماذا ستصنع الآن أيها القدوس ... قال لي : سأغسل أرجل تلاميذي ثم ِرجلك وأرجل إخوتك أيضا .... هنا انزعجت للغاية ، وانتابتني قشعريرة ... كيف هذا أيها القدوس ... كيف هذا ؟؟!! ... ابتسم الحبيب في هيبة وهدوء وقال ، :سوف ترى.... قام ( السيد)عن العشاء ، وخلع ثيابه ، وأخذ منديلا واتزر به . ثم صب ماء في مغسل ، وابتدأ يغسل أرجل تلاميذه ويمسحها بالمنديل التي كان متزرا به ( يو 13: 5،4 ) ثم نظر إليَ رب المجد بوجهه المضئ ، وقال لي : تعال ... لأغسل رجلك ... تسمَرت في مكاني وكنت أود ان اقول ما قاله بطرس من قبلي : ( لن تغسل رجليَ أبدا ً )ولكني تقدمت ويُغطيني خجلي ودموعي، وابتدأ الرب إلهي يغسل رجلي ويمسحهما بالمنشفة ... كانت لحظات رهيبة للغاية، ومبهجة وعجيبة للغاية ... وكأن ينبوع الطهر والطهارة قد غمرني تماماً ... ولعل هذا هو قول رب المجد لمعلمنا بطرس الرسول : الذي قد اغتسل ... هو طاهر كله ... وبعد ذلك أخذ الرب ثيابه ، واتكأ ، وابتدأ يتحدث مع تلاميذه ( وكنت جالسا معهم) ، وقال : أتفهمون ما قد صنعته بكم ؟ أنتم تدعوني المعلم والرب ، وحسنا تقولون ، لأني أنا هو . فإن كنت وأنا ربكم ومعلمكم قد غسلت أرجلكم ، فأنتم يجب أن يغسل بعضكم أرجل بعض . لأن ما صنعته لكم هو مثال، حتى كما صنعت أنا بكم أنتم أيضا بعضكم ببعض ....( يو13: 12 – 17 ) فصرت أنا أبكي كثيرا جدا، فتقدم رب المجد وبحنان فائق أخذني في أحد أركان العلية ، وقال لي : ماذا بك يا حبيبي ؟ ... وكنت أنا أيضا أبكي كثيرا جدا ... وبالجهد تمالكت نفسي ، وأجبت : إلهي الحبيب القدوس ، قد غسلت أرجلنا اليوم أيها القدوس وأوصيتنا ان غسلك لأرجلنا هو مثال ٌ ، حتى كما صنعت أنت بنا نصنع نحن بعضنا ببعض ... ولكني كم من مرة أتسلط على إخوتي، وكم من مرة أتعالى عليهم ... كم من مرة أهينهم ، وكم من مرة أجرح مشاعرهم ... كم من مرة أرفض مقابلتهم ، وكم من مرة أرفض إعتذارهم ... زمن أنا ايها الحبيب القدوس إلا حفنة من التراب والرماد ( تك 18 : 27 ) يا لعظم خطاياي وآثامي ... إنها خطاياي وخطايا إخوتي بني البشر، التي ستحملها في جسدك الطاهر( 1بط2 : 24 ) ... وتجوز الآلام عنا ... وتعطينا خلاصا هذا مقداره ( عب 3:2) هنا صرخت بكل خلجات قلبي مع جمهور المصلين بالكنيسة قائلا : لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين . عمانوئيل إلهنا وملكنا
? في يوم الجمعة العظيمة وهو يُجلد :
يقول الراهب : كانت الساعة تقترب من العاشرة صباح يوم الجمعة ، وتمكنت بجهد كبير أن أدخل إلى المكان المخصص للجلد في دار الولاية ... انتظرت قليلا حتى أتى الجنود الرومانيون المُكلفون بجلد مُخلصي الصالح ... ثم أتى مُخلصي مع مجموعة أُخرى من الجنود ... كانت علامات الإجهاد الشديد واضحة جدا على وجهه ... فلم ينم طيلة الليلة السابقة ، وقد تعرض لآلام كثيرة في بيت حنان وقيافا رئيسي الكهنة بالإضافة إلى الحالة التي أُصيب بها في جثسيماني وحدث عندما رأيت مُخلصي الصالح ، أني صحت بصوت عال جدا بتسبحة البصخة : لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين ... وانتهرني أحدهم لأسكت ... وتقدم جندي ليوثق مُخلصي الصالح في عمود ليُجلد ... فتقدمت لمُخلصي ، وبدأت أجفف وجهه من قطرات العرق والدموع ... وتلاقت عينيَ الدامعة مع عيني مُخلصي في لحظات لا تُنسى ... كان في قلبي الكثير والكثير ... ولكن لساني انعقد تماما ... فقط تكلمت عيني بكلام الدموع ، وعزف قلبي بلحن الخشوع ... وفجأة وجدت أحد الجنود يدفعني بعيدا لأنهم سيبدأون في جلد مُخلصي الصالح ، بدأ الجنود في جلد الحبيب القدوس، وابتدأ جلد وعضلات ظهره المقدس يتهرأ ... فتقدمت إلى الجندي الذي يجلد لأوقفه وأمسك بيده ، فدفعني بعيدا ... فصرت أصرخ وأُصلي ليس بلساني بل بكل كياني ، وأقول لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد . أمين
** لا توجد تعليقات على هذه الفكرة..