
2024-03-31
هل الله يندم؟
(مقال عن شبهات وهمية)

السؤال: كيف يقول الكتاب المقدس أن الله يندم؟
وذلك في شواهد كثيرة، نذكر منها الآتي:
+ والرب ندم لأنه ملَّك شاول على إسرائيل" (1صم 15: 35)..
+ فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه (يونان 3: 10)
+ وخلصهم من يد اعدائهم كل ايام القاضي لان الرب ندم من اجل انينهم بسبب مضايقيهم و زاحميهم ( قضاة 2 : 18)
الإجابة:
+ الفرق بين ندم الله وندم البشر:
في كل الآيات المذكورة ، كلمة ندم تشير (بصورة واضحة) إلى شفقة الله على حالة البشر عندما يؤدبهم بسبب شرهم وخطأهم؛ فيتعلمون الدرس ويتوبون؛ ونجد أن الله ندم (أى حزن) على خطية الإنسان، وحزن بسبب الشر الذي سيصيب الإنسان، والذي سببه الأساسي هو الإنسان وليس الله .. لأنه يحبهم ويريد لهم التوبة والتغيير، للنجاة من الهلاك..
ولا تحمل أي آية من الآيات، الندم بمعنى التوبة أو الرجوع عن الخطأ كما يدعي النقاد
+ الله لا يتغيَّر
ولكن تتغيَّر معاملته للإنسان، طبقًا لتغيُّر موقف الإنسان:
فإن ردود الله تجاه الإنسان متغيرة وذلك بسبب تغيير أفعال البشر، وهذا أمر طبيعي وبديهي؛
فحينما ينقلب سلوك البشر من الصالح للطالح، الله يتراجع في بركاته على الإنسان، ويبدأ حالة تأديب وعقاب له، لأنه يحبه ويريد أن يغيره لئلا يَهلَك.
وعندما يتغير قلب الإنسان ويتوب، يتراجع الله عن التأديب الذي أنزله به، ويرجع بيد البركة والنعمة عليه.
إن هذا يشكل معنى جميع الآيات التي تعرض عبارة "ندم الله"؛ فهي تتكلم عن تراجع الله عن عقابه للبشر الخطاة، عندما يتوبون. وهذا المفهوم يتلخص بوضوح في الآيات التالية التي قالها الله على فهم نبيه إرميا، ليعلن عن طبيعته لنا:
"تارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالقلع والهدم والإهلاك،
فترجع تلك الأمة التي تكلمت عليها عن شرها، فأندم عن الشر الذي قصدت أن أصنعه بها.
وتارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالبناء والغرس،
فتفعل الشر في عيني، فلا تسمع لصوتي، فأندم عن الخير الذي قلت إني أحسن إليها به".
(إرميا 18 : 7 – 10)
إذًا هذا التراجع، هو شيء ضروري لله، لأنه المسؤول على إدارة الكون الذي نعيش فيه، لكي يقوِّم ويُصحِّح سلوك البشر على الأرض، ليهديهم لطريقه الصحيح.
+ الكلمة الأصلية في العبرية :
هناك اختلاف جذري بين كلمة "ندم" بالعربية، التي ليس لها أي استخدام آخر سوى معنى الندامة الفعلي؛ وكلمة "نيحَم" التي لها معاني كثير جدًا (يعزي، يندم، يتراجع، يتأسف، يشفق، يترأَّف، يستريح). فالنقاد يتعاملون مع كلمة "نيحَم" وكأنها نفس كلمة "ندم" التي لها معنى واحد ضيق في العربية!! وهذا خطأ كبير؛ لذلك لا يمكن أن تُقارن كلمة "نِيحَم" العبرية، بكلمة "ندم" العربية، بسبب ضيق معنى الكلمة في العربية!!
ولو كان معنى كلمة "نيحَم" التوبة عن الخطأ، فمن المنطقي أن يستخدمها الكتاب للإشارة إلى توبة البشر أيضًا. لكن نرى شيئًا فريدًا جدًا، وهو أن استخدام الكلمة في الكتاب بعمنى "التراجع" اقتصر بشكل عام فقط على الله، وليس على البشر؛ سوى ربما مرة واحدة من 28 مرة، وحتى استخدامها في تلك المرة، أتى بمعنى التراجع أيضًا وليس التوبة:
"17 ... لِئَلاَّ يَنْدَمَ (ينحَم - بمعنى يتراجع، يغير رأيه). الشَّعْبُ إِذَا رَأَوْا حَرْبًا وَيَرْجِعُوا إِلَى مِصْرَ" خروج 13.
وهذا يؤكد أنها لا تحمل معنى التوبة أو الرجوع عن الخطأ، لأن الكتاب يستخدم كلمة أخرى تمامًا عندما يتكلم عن توبة البشر، وهي كلمة "شاف" (مثل: "18... تَوِّبْنِي فَأَتُوبَ (أشوف)، .." إرميا 31). وهذا يبرهن أن المعترضين مخطئين تمامًا في حجتهم!!
المعنى لكلمة "ינחם" "يِنْحَم":
الكلمة في قاموس سترونج (Strong) تعني:
(الجذر الأساسي) يعني أن يتنهد، يتنهد بشدة؛ (وبشكل متفاعل) يتأسف، (وتعني من ناحية إيجابية) يشفق، يواسي، أو (كفعل مفعوله نفس فاعله) يأسف؛ أو (من ناحية سلبية) يقسى (على ذاته)؛- يعزي (الذات)، يهوِّن (على الآخر)، يندم (يجعل الآخر يندم، أو الذات). [1]
ومن أكثر استخداماتها اليوم في اللغة العبرية، "נחם" "نيحَم" تعني يُعزي، أي يشترك في حزن أو ألم الآخرين [2].
وأخيراً :
مبدأ هام في قراءة الكتاب : قراءة النص كاملاً - ماينفعش نقطع الآية من قلب القصة ، ونقول "أهوه" مكتوب ان الله يندم!!
** لا توجد تعليقات على هذه الفكرة..