2021-04-13
التدين السليم
(مقال عن التدين الظاهري)
مقال لنيافة الانبا مكاريوس
... والآن الي أشكال من التدين:
1- المتدين السطحي (الشكلي) :
هو الشخص الذي له شكل المسيحي أو إطاره، شكل الإيمان ولكن دون ثمار، له شكل الاتضاع ولكن دون روح وديع هادئ ومتضع، شكل المحبة ولكن باللسان فقط
لنحب لا باللسان بل بالعمل
بسطحية ودون وعي، ويصلي كما لقوم عادة ويتناول دون أن يعرف لماذا... الصلاة تلاوات مجردة .. هذا النوع جاهز للتشكيك!!
القشرة الخارجية يمكن أن تسقط مع أي صدام خفيف، جاهز لبيع القضية.
ربما كان قد تربي بالفطرة علي بعض العادات دون دراسة أو وعي.. ولكن لماذا يميل البعض إلي الشكلية أو بالأحري يقع فيها؟ هل للتضليل؟
فيستخدم المسبحة، ويحرق البخور ويطلق القداسات والترانيم فيوهم الآخرين بقداسته، أم ليرضي ضميره، بينما يترك عنه اثقل الناموس (الرحمة والعدل)
أم مثلما يميل العجائز والذين طعنوا في السن إلي التدين المتأخر. هذا ويقول فرويد أن الإنسان هو الممثل الوحيد (فالحيوان مثلاً لا يعرف التمثيل)
هكذا يمكن أن يتخذ صغر النفس وضعف الشخصية شكل الاتضاع، والعصبية الشديدة شكل الغيرة وحب الظهور أشكالاً مثل الشموسية والكورالات
وحب التسلط والزعامة شكل الخدمة في الكنيسة، كما يري البعض مهرباً لفشله في الكنيسة، فتكبر فيها ضعفاته...
ولذلك قال فولتير أن الكنيسة يمكن أن تزيد الناس عزلة... ويقول بعض الآباء الكنيسة ليست متحفاً للمواهب وليست مؤسسة ولكنها تيار .. حركة ... انها مستشفي للخطاه ... ولذلك يجب ألا تصبح ظاهرة اجتماعية فقط..
هذا هو السبب في قول الرب
فحين تبسطون ايديكم استر عيني عنكم وأن اكثرتم الصلاة لا أسمع. ايديكم ملآنه دماً (اش15:1)
كما فضح السيد المسيح رياء الفريسيين عندما اهتموا بالمظهر الخارجي للتدين الخارجي مثل التمسك بالأهداب والعصابة، وهكذا الأمر بالنسبة للحجاب والايشارب مقابل الخطايا المستترة.
هذا ومن بين علامات التدين السطحي كثرة الكلام والفتاوي الدينية.
2- الأجير:
وهو الشخص الذي يتعامل مع الله بطريقة الثواب والعقاب
يطلب الأجرة ويخشي الحجيم، مثل العبيد، مع أن الله قد ارتقي بنا من العبيد إلي الأبناء إلى الأصدقاء إلى الأحباء إلي الأخوة ...
يقول السائح الروسي: (الخوف من العقاب طريقة العبيد، والطمع في الثواب طريقة، الأجير ولكن الله يريدنا كأبناء له)
ولعل ذلك قد جاء من التربية الخاطئة: مثل ربنا هيزعل منك ربنا هينجحك إذا عملت كذا ..
ربنا عاقبك علشان كذا وإذا صليت سوف تنجح ... وهكذا.
ولذلك تتكدس الكنائس أيام الامتحانات بالشباب، ويزيد الطلب علي الشهداء والقديسين ويظهر الورع علي الوجوه، وتكثر النذور وترتفع ملايين الأدعية من أولياء الأمور!! وفي المقابل يدخل البعض في خصومة مع الله إذا ما حدث ما لم يكن يتوقعونه أو عكس ما طلبوا، ويحاجج الأهل الله:
لماذا فعل هكذا رغم انهم صلوا ودفعوا العشور... ومن هنا جاءت فكرة الفريسيون الحسابون الذي يدونون كم احسنوا وكم اساءوا...
ولكن المسيحية تقوم علي الحب والشركة مع الله الآب بالمسيح يسوع الابن في الروح القدس (القديس كيرلس).
لذلك الذين يقولون يوم الدينونة باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين
سيقال لهم اذهبوا عني يا فاعلي الاثم إني لا اعرفكم قط .. ليس كل من يقول لي يارب يارب يدخل ملكوت السموات ....
3- المتشدد (التعصب):
هو ذاك الذي يظن أنه رسول الله لحماية الدين، ويدافع عن الله. ولكن هناك فرق بين الأمانة المتعصبة المهذبة، والتشدد المعثر، التعصب افرز الارهاب والارهابيين والجماعات المتطرفة والذين يظنون انهم هم الفاهمين وحدهم
مشكلة هؤلاء أنهم يغلقون ملكوت السموات أمام الناس فلا هم دخلوا ولا تركو الداخلين يدخلون...
متي 23 بعض أولئك يسببون المشاكل في الكنائس... يعملون ابطالاً علي حساب الآخرين يظنون أنهم حماة العقيدة.. ولا ننسى أن ديفيد كورش اهلك عشرة آلاف في أمريكا معه موهما اياهم انهم سيلتقون بالمسيح، وكذلك فعل جونز الهولندي الذي مات هو واتباعه بالسم بنفس الادعاء. هذا النوع غالباً ليس له مخدع وليست له علاقة شخصية مع المسيح والا لكان لطيفاً وديعا...
خطيته أمامه في كل حين، وعندما يدافع عن الإيمان، يميل إلي الاقناع الموضوعي دون تجريح.
فالمحبة لا تحقد .. ولا تتفاخر ولا تطلب ما لنفسها.
4- العقلاني:
هذا النوع قد يدرس الكتاب المقدس، ينقده. يقارنه. يبحث في خلفياته. يبحث عن حلول لمشاكله. يترجمه. يعلق عليه. ولكن بدون تأمل..
يقرأ لا يسمع صوت الله من خلاله
أو ليشبع بكلمة الله. لذلك فقد يكون استاذا في جامعة الكتاب المقدس، وهو ملحد أو استاذا في اللاهوت وسكيرا.
يبدو أنه استاذا للعهد الجديد، وليس تلميذا للعهد الجديد!!
نحن لا نلغي العقل، كلا فالقديس بولس يقول اصلي بالروح واصلي بالذهن، والقديس اغسطينوس يقول انه يؤمن حتي يتعقل ويتعقل لكي يؤمن.
وبالتالي لا نهمل دراسة اللاهوت والفلسفة المسيحية، لقد كان أكثر الآباء الأوائل دارسين للفلسفة اليونانية ولذلك استطاعوا محاجة الفلاسفة واقناعهم بالمسيحية...
ولا مانع من المعاهد اللاهوتية، ولكن من أجل أن تكون القواعد سليمة.. والإيمان نقي.
غير أن المسيحية كرزت بالسلوك والفضيلة والاستشهاد والقديسين والرهبنة..
الكنيسة تعرف القديس لا البطل... فهي كنيسة قديسين لا أبطال.. ولعل هذه هي مشكلة الهراطقة..
المسيحية شركة.. اختبار داخلي ..
تصوروا شخصاً خارجاً من امتحان الكلية اللاهوتية أو من التخرج منها، ثم يتشاجر بالخارج مع سائق تاكسي أو زميل .. او استخدم الفاظا غير لائقة!!
انه يحطم ايمانه وعقيدته من خلال سلوكه هذا !!. الواجب أن نشهد للمسيح باللطف والبشاشة والتسامح والبذل لأجل الآخرين، اكثر من العبادة الشكلية والتعصب والعقلانية أو الوسوسة، كما أن الناس يمكن أن يعثروا فينا وفي المسيحية إذا قدمنا نماذجاً سيئة.
المسيحية إيمان سليم. عبادة مفرحة. قلب محب. ملامح وديعة. كلمات هادئة.
** لا توجد تعليقات على هذه الفكرة..